
رئيس وزراء الهند يبدأ زيارة رسمية إلى السعودية بدعوة من ولي العهد لتعزيز الشراكة الاستراتيجية
استهل رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، اليوم الثلاثاء، زيارة رسمية إلى المملكة العربية السعودية تمتد ليومين، وذلك بدعوة كريمة من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء. وتأتي هذه الزيارة في إطار تعزيز العلاقات السعودية الهندية، وتوسيع مجالات التعاون الثنائي بين البلدين الصديقين.
العلاقات التاريخية بين السعودية والهند
ترجع العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وجمهورية الهند إلى عام 1947م، ومنذ ذلك الحين شهدت تطوراً ملحوظاً شمل مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية. ومن أبرز المحطات التاريخية في مسار هذه العلاقات: زيارة الملك سعود بن عبدالعزيز للهند عام 1955م، وزيارة رئيس الوزراء الهندي جواهر لال نهرو للمملكة في عام 1956م.
وشهدت العلاقات السعودية الهندية نقلة نوعية في عام 2006م، عندما قام الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- بزيارة تاريخية للهند، تم خلالها توقيع «إعلان دلهي»، والذي أعقبه «إعلان الرياض» في 2010م، خلال زيارة رئيس الوزراء الهندي الأسبق مانموهان سينغ، ما أسهم في رفع مستوى العلاقات إلى شراكة استراتيجية شاملة.
التبادل التجاري بين السعودية والهند في نمو متصاعد
تُعد المملكة العربية السعودية خامس أكبر شريك تجاري للهند، بينما تحتل الهند المرتبة الثانية بين الشركاء التجاريين للمملكة. وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين في السنة المالية 2023-2024م نحو 42.98 مليار دولار أمريكي، منها 31.42 مليار دولار قيمة واردات الهند من المملكة، مقابل صادرات هندية للمملكة بلغت 11.56 مليار دولار، مسجلة نموًا بنسبة 7.8% مقارنة بالعام المالي السابق.
ويشمل التعاون الاقتصادي بين السعودية والهند العديد من القطاعات الحيوية مثل الطاقة، البتروكيماويات، التعدين، الزراعة، الأمن الغذائي، الذكاء الاصطناعي، الاقتصاد الرقمي، والطاقة المتجددة. كما تم توقيع اتفاقيات استثمارية ضخمة بقيمة 9.32 مليار دولار في قطاعي المعادن والتعدين، ضمن مستهدفات رؤية المملكة 2030.
زيارة مودي الثالثة وجدول أعمال حافل بالتعاون
تُعد هذه الزيارة الثالثة لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى المملكة، بعد زيارتيه السابقتين في عامي 2016 و2019م. ومن المقرر أن يلتقي خلالها بسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حيث سيرأسان معاً اجتماع مجلس الشراكة الاستراتيجية السعودي الهندي، الذي تم إنشاؤه في عام 2019م.
وستتناول أجندة الزيارة مناقشة سبل تعزيز التعاون المشترك في مجالات الدفاع، الطاقة، الاستثمار، التحول الرقمي، والتكنولوجيا، بالإضافة إلى توقيع مذكرات تفاهم في مجالات جديدة مثل الهيدروجين الأخضر والطاقة المستدامة.
كما سيقوم رئيس الوزراء الهندي بزيارة مصنع في مدينة جدة، للقاء العمال الهنود العاملين في المملكة، في خطوة تعكس اهتمام الحكومة الهندية بالجالية الهندية، التي تُعد من أكبر الجاليات الأجنبية في المملكة العربية السعودية.
رؤية 2030 ومبادرة الهند “فيكست بهارات 2047”: تكامل استراتيجي
توفر رؤية السعودية 2030 أرضية قوية لتعزيز التعاون الاستراتيجي مع الهند، خصوصاً في مجالات الصناعة، البنية التحتية، السياحة، والتقنية. وتتقاطع هذه الرؤية الطموحة مع المبادرة الهندية “فيكست بهارات 2047″، ما يسهم في بناء شراكات استراتيجية طويلة المدى.
وتُعد مبادرة ممر الهند – الشرق الأوسط – أوروبا، التي تم الإعلان عنها خلال قمة مجموعة العشرين في نيودلهي عام 2023م، مثالاً عمليًا على هذا التعاون، حيث يهدف الممر إلى تعزيز الربط التجاري والنقل اللوجستي بين آسيا والشرق الأوسط وأوروبا، مع تعزيز البنية التحتية الرقمية والطاقية.
ختامًا: زيارة استراتيجية تعزز التحالفات الدولية
تُشكل زيارة رئيس الوزراء الهندي إلى السعودية خطوة محورية نحو تعزيز العلاقات الثنائية وفتح آفاق أوسع للتعاون المشترك. وتأتي هذه الزيارة في وقت يشهد فيه الاقتصاد العالمي تحولات كبرى، تدفع الدول الكبرى إلى إعادة رسم تحالفاتها التجارية والاستراتيجية، بحثًا عن شراكات أكثر تنوعًا واستقرارًا.
ويُتوقع أن تسفر هذه الزيارة عن نتائج إيجابية ملموسة تدعم المصالح المشتركة بين المملكة والهند، وتعزز من موقع البلدين كلاعبين رئيسيين على الساحة الدولية.
اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام